تعريف النون الساكنة

دائما ما نجد في درس أحكام التجويد اطلاق النون الساكنة والتنوين، بينما التنوين هو أيضا نون ساكنة، فقط الاختلاف بينهما هو تعامل الدارسين مع الدرس التجويدي بشكل خطي، ونحن نتعامل معه على المستوى الصوتي وليس الخطي، لذلك فإن النون الساكنة المثبتة خطا أو التنوين المثبتة لفظا كلاهما نون ساكنة، تمتثل لنفس القاعدة ونفس الحكم، وبالتالي فإن تعريف النون الساكنة بالنسبة إلينا هو صوت "نْ"، سواء أثبتت لفظا أو خطا، وصلا أو وقفا، وسواء كانت من البنية الأصلية للكلمة (أنعمت)، أو من حروف الزيادة (فانفلق)، أو متطرفة (عنْ- منْ رحيما- عليما)أو متوسطة (سنبلات)،  إن هذا الاختزال يسهل علينا استيعاب درس أحكام النون الساكنة خاصة مراتب الغنن، كذلك يفتح لنا آفاقا أخرى لطرح التساؤل حول باقي الظواهر التي لم يحسم فيها درس أحكام التجويد.

 

مخرج النون الساكنة

يشترك في مصدر النون اللسان مع التجويف الأنفي، حيث يخرج هذا الصوت من طرف اللسان عندما يصطدم مع لثة الثنايا العليا، في نفس الوقت تخرج الغنة الملازمة له من الأنف، نقول أن مخرج النون أنفي لثو أسناني.

 

تعريف الغنة

صوت رخيم يخرج من أعلى الأنف وأقصاه من الداخل، ما يميزها عن صوت نْ هو أنه لا عمل للسان فيها، وتتكون من جسم (نْ) و (مْ) عند إلغاء دور اللسان، تمد مقدار حركتين، والحركة هو الوقت الذي يكفي لبسط الأصبع وجمعه في آن واحد من باب القياس والترقب، أما ضبها فيتم بالمشافهة.

 

أحكام النون الساكنة

لحضور النون الساكنة في تلاوة القرآن أربعة أحكام، وهي أربعة أوجه أو طرق يخرج على هيأتها صوت (نْ)، فتكون إما مظهرة أو مدغمة أو منقلبة أو مخفية.

1)   الإظهار

 

الإظهار لغة: هو البيان والتوضيح، اصطلاحا إظهار النون الساكنة ذاتا وصفة من غير زيادة في

 الغنة، وهو نطق النون الساكنة بشكل واضح إذا جاءت في السياق الآتي:

إذا جاء بعد النون الساكنة أحد الأصوات التي تحقق معها الإظهار وهي الهمزة والهاء والعين والحاء

 والغين والخاء.

نْ/ء، ه، ع، ح، غ، خ.           

أمثلة:

منْ حيث – أنْعمت – ينْهون – شيءٍ عليم

 

رواية ورش لا تحقق إظهار النون الساكنة مع الهمز لجريان قاعدة الحذف مع النقل.

يرجع السبب في تحقيق الإظهار هو بعد مخرج النون (طرف اللسان) عن مخرج الأصوات الستة.

 

2)  الإدغام

الإدغام لغة: هو المزج والخلط والإدخال، اصطلاحا: ادخال حرف ساكن في آخر متحرك بحيث

 يصيران حرفا واحدا مشددا من جنس الثاني، وهو إدغام النون الساكنة في السياق الآتي

إذا جاءت بعدها الأصوات: ن/ ي، ر، م، ل، و، ن.

وهو قسمان من حيث الغنة: قسم بغنة مع الأصوات، ي – ن – م – و،

أمثلة:

من يّعمل - من نّعمةٍ – من مّاء – من وّال.

 وقسم بغير غنة مع الأصوات، ر – ل. 

أمثلة:

من رّحيق – من لّدنه    

ويقسم كذلك حسب درجة الإدغام

 إدغام كامل: وهو ما تدغم فيه النون ذاتا وصفة ويكون مع الأصوات (ن – ر – م – ل)، لكن ما يفسر

 بقاء الغنة مع الصوتين (ن – م) هو كونها صفة ملازمة لهما وليست صفة فضلى للنون المدغمة،

 وهو ما يفسر مرتبة هذه الغنة حيث أنها غنة كاملة.

إدغام ناقص: حيث تدغم ذات الحرف وتطفو صفته فتضاف لمصفوفة الصوت المدغم فيه، ويكون مع

 أنصاف الصوائت (ي – و).

مستثنيات الإدغام: يكون الإدغام بين كلمتين ولا يحصل في كلمة واحدة، ويحتوي القرآن على أربع

 كلمات فقط اجتمعت فيها النون الساكنة بأحد حروف الإدغام في كلمة واحدة وهي: صنْوان – الدنْيا –

 بنْيان – قنوان.

 

3)  القلب

القلب لغة هو التبديل والتحويل، اصطلاحا هو قلب النون الساكنة (نْ) ميما مخفاة (مْ) إذا جاء بعدها

 صوت الباء (بْ) فقط، ويتحقق في كلمة واحدة وبين كلمتين.

مثال: (من بعد – ممْ بعد)، (أنْبياء – أمْبياء)، (أنْ بورك – أمْ بورك).

 

4)  الإخفاء

الإخفاء لغة: هو الستر، اصطلاحا نطق صوت النون الساكنة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة، ويكون في السياق الآتي:

إذا جاء بعد النون الساكنة ما تبقى من أصوات وهي خمسة عشر صوتا:

ن/ ص، ذ، ث، ك، ج، ش، ق، س، د، ط، ز، ف، ت، ض، ظ.

الفرق بين صوت الغنة عند الإدغام والإخفاء، هو أن غنة الإدغام مرققة، وغنة الإخفاء تأتي على

 حسب ما بعدها فتكون مرققة ومفخمة.

 

مراتب الإخفاء

له ثلاث مراتب تم تصنيفها حسب مخارج الأصوات:

المرتبة الأولى (إخفاء تام): وتتحقق عند (ط – د – ت)، وذلك لقرب مخرج (نْ) من مخرج هذه الأصوات أكثر من غيرها، مثال: من دون.

المرتبة الثانية (إخفاء متوسط): وتحقق مع باقي الأصوات، مثال: منسيا.

المرتبة الثالثة (إخفاء ناقص): تتحقق مع صوتي (ك – ق)، وذلك لتباعد بين مخرج (نْ) ومخرجهما أكثر من باقي الأصوات، مثال: من كان.

والله ولي التوفيق..