علم الصوتيات المفهوم و الأقسام
بسم الله الرحمٰن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
·
أهمية علم الصوتيات
·
تعريف الصوت
·
الأصوات النطقية
·
قسم علم الأصوات النطقي
تمهيد
حضي علم الصوتيات باهتمام العلماء والدارسين
على مر التاريخ، حيث عرفت دراسة الأصوات سيرورة علمية تمتد إلى القرون قبل
الميلادية إثر محاولات الفينيقيين اختراع أبجدية يمثلون بها أصوات لغتهم، بعدما
كانت تجسدها الرسوم الهيروغليفية أو الأشكال السومرية والأكادية، ولحقهم الهنود في
القرن الرابع قبل الميلاد بوضعهم أصوات اللغة السنسكريتية القديمة، ثم احتذى
الإغريق باختراع الفينيقيين للحرف الأبجدي، كذلك اليونان والأروبيون اهتموا بدراسة
أصوات اللغة بشكل كبير، إلا أن العرب كان لهم حظ السبق في دراسة الأصوات اللغوية على
نحو يتجاوز الأمم السابقة، فقد قام الإخوان الصفا في القرن الرابع الهجري بدراسة
الأصوات دراسة نظر وتأمل، وأسرف علماء القراءات القرآنية في تحديد صفات الحروف
ومخارجها، فهم أول من وضع قواعد النظم الصوتية (phonology)، وعلم الصرف
الصوتي (morphophonemics)، وبهذا يكون
علم الصوتيات النطقية ذا قدر كبير من العمومية باعتباره ظاهرة إنسانية يشترك فيها
الجميع.
أهداف المادة:
لماذا ندرس علم الصوتيات؟
من ركائز علم الصوتيات النطقي درس المخارج
والصفات، ونحن ندرسها ليس فقط لنتكلم ونقرأ بالطريقة السليمة، بل كي نصحح أيضا ما
اختلط واشتبه فيه، صيانة للسان العربي،
لأن الصوت هو الوحدة الصغرى المشكلة للفونيم
المشكل للمقطع المشكل للكلمة ثم اللسان، وقد حصل للقرآن الكريم الفضل الكبير في صيانة اللسان
العربي بشتى مستوياته، ولعبت أحكام
التجويد دورا أساسيا في العناية بالدرس
الصوتي لتواترها عن العرب المتكلمين بالفصحى سليقة، أما المتروك للخلاف فيمكن
اليوم أو غدا الحسم فيه.
إن الدرس الصوتي لايقل أهمية عن الدرس النحوي أو
التصريفي أو المعجمي.. فلما كانت العناية بعلوم اللغة التي تخص الكلام (النحو)-
والكلمات (الصرف)- كان من الواجب أن ندرس علم الصوتيات الذي تتشكل منه الكلمة لتشكل الكلام، ولايمكن فهم باقي قضايا العلوم
اللسانية بمعزل عنه.
تعريف الصوت:
عرف الصفائيون في القرن الرابع الهجري الصوت على
أنه " قرع يحدث من الهواء إذا صدمت الأجسام بعضها بعضا، فتحدث بين ذينيك
الجسمين المصطدمين حركة عرضية تسمى صوتا" الصوت بين النظرين اللساني والفلسفي عند
الإخوان الصفا.
وعرفوا الصوت عند المخلوقات على أنه "الأعراض الحادثة من الجواهر
(الماهيات) النفس، أي أن الصوت ناتج عن حركة النفس – وسريان قواها في الأجسام. المصدر نفسه
نفهم من التعريف أن النفس في تصور الإخوان الصفا
هي طاقة تنتج الحركة، ويمكننا الوقوف على ذلك في قولهم، " اعلم أن الأصوات
هي الأعراض الحادثة من الجواهر، ولما كان ذلك كذلك، وجب البرهان على أن أصل الحركة
هو النفس، وأن الصوت (منفَعل)–( ناتج)، من حركتها وسريان قواها في الأجسام. الرسائل 90/3
تعريف الصوت عند المحدثين
ذ. إبراهيم أنيس: الصوت ظاهرة طبيعية ندرك
أثرها دون أن ندرك كنهها، وقد أثبت علماء الصوت، أن كل صوت يستلزم وجود جسم يهتز
في الهواء. الأصوات اللغوية، ذ إبراهيم أنيس، ص6
هذا بالنسبة إلى الصوت عامة لكنه ينقسم إلى
أقسام:
· الأصوات الطبيعية: (الحجر والرعد والبرق..)
· الأصوات الآلية: (أصوات الأواني والآلات الموسيقية..)
· الأصوات الصادرة عن الحيوان
· الأصوات الصادرة عن الإنسان
· الأصوات الدالة: التي تتحول إلى حرف ثم تصير كلاما.
· الأصوات غير الدالة: التي لا تتحول إلى حروف بل تبقى كثلة صوتية غير متميزة
الوحدات الصوتية، وهي أصوات لا هجاء لها كأصوات القرع عدى الآلات أو البكاء
والأنين وما أشبه ذلك.
الأصوات النظقية:
يقول الإخوان الصفا: الكلام، صوت بحروف
متقطعة، دالة على معان مفهومة، من مخارج مختلفة.
إن قولهم الكلام صوت بحروف متقطعة هو ما
نسميه "فونيمات" في علم اللغة الحديث، وقولهم دالة على معان،
ربطها الدكتور محمد أديوان بثنائية الدال والمدلول، كما أعطى الصفائيون من
خلال هذا التعريف تحديدا آخر فقالوا من مخارج مختلفة، وبينوا" أن
الصوت من الجسم في الرئة، هواء يصعد إلى أن يصير إلى الحلق، فيديره اللسان على حسب
مخارجه، وإن خرج على غير حروف لن يفهم، كان كالنهاق والرغاء والسعال وما أشبه ذلك.
الرسائل3/144
عندما نتفصل في هذا التعريف أيضا، نجد أن
الصفائيين قد أصابوا في كون الهواء في الرئة هو الذي يتحول إلى صوت، وبخصوص الجزء
الثاني من التعريف فقد حاولوا تحديد مجرى الصوت من الرئة إلى الحنجرة إلى الحلق
فيديره اللسان على حسب مخارجه، أما الجزء الثالث من التعريف وهو من قولهم "وإن
خرج على غير حروف.." فهم هنا يفرقون بين الصوت المفهوم وهو الذي يخرج على
شكل حروف تؤدي في مجموعها معنى، وبين الأصوات الأخرى التي تخرج مبهمة وغامضة، والصوت
الذي يخرج على شكل حروف يمكن فهمها، خاصية لصيقة بالإنسان.
أقسام علم الأصوات النطقي
يدرس علم الأصوات النطقي الظاهرة الصوتية اللغوية، فيركز على الدراسة الميكانيكية للنطق ليتفصل في أعضاء النطق وحركاتها، ومخارج الأصوات وصفاتها.
ويندمج أيضا مع علم الأصوات السمعي، الذي يدرس ظاهرة
إدراك البشر لأصوات اللغة، كأن نتمكن من فهم مقطع لفظي مشدد، إما عن طريق المدة أو
القوة أو التردد أو عنها جميعا.
وللقيام بدراسة صوتية توجد مقاربتان، إما عن
طريق التكنولوجيا؛ كالصور السينية، والبرامج الحديثة لدراسة الصوت..
أو بطريقة انطباعية؛ تعتمد على الحدس الشخصي
للقيام بالتحليل، دون أن نغفل عن تأكيد هذه النتائج بتحليل أدواتي إما عن طريق
الدراسة المقارنة بين اللغات أو بين أصوات اللغة الواحدة.
تعليقات
إرسال تعليق